
في موسم حج 1446 هـ، أثبتت المملكة العربية السعودية مجددًا قدرتها الفائقة على تنظيم واحد من أعظم التجمعات البشرية في العالم، حيث استقبلت أكثر من مليون وستمائة ألف حاج من أكثر من 160 دولة، في مشهد مهيب جسّد وحدة المسلمين وعظمة التنظيم السعودي. وقد جاءت الاستعدادات على أعلى مستوى، من خلال جاهزية تجاوزت 35 مستشفى و175 مركزًا صحيًا في مكة والمشاعر، بدعم أكثر من ثلاثين ألف كادر صحي، إلى جانب تجهيز أكثر من 6500 سرير منها مئات مخصصة للعناية المركزة وضربات الشمس.
في ظل موجة حر شديدة قاربت درجات الحرارة فيها الخمسين مئوية، عملت الجهات المختصة على نشر آلاف أجهزة الرش الضبابي ووحدات التبريد، وزرعت عشرات الآلاف من الأشجار في محيط المشاعر، إضافة إلى تطبيق حلول ذكية مثل الطرق البيضاء والسطوح المطاطية لتقليل الانعكاس الحراري على الحجاج.
وشهدت المشاعر تنظيمًا أمنيًا محكمًا، إذ انتشرت وحدات الأمن على امتداد مكة والطرق المؤدية للمشاعر، مستخدمة تقنيات الذكاء الاصطناعي والطائرات دون طيار لضبط الحشود وتوجيهها. وقد تم التعامل بحزم مع المخالفات، ومنع مئات الآلاف من غير الحاصلين على التصاريح من دخول مكة، في خطوة هدفت للحفاظ على أمن الحجاج وسلامة أدائهم للمناسك.
وكان للتقنية حضورٌ بارز، حيث وفرت الدولة تغطية كاملة بالجيل الخامس داخل مكة والمشاعر، وعززت من استخدام التطبيقات الذكية كوسائل للتوجيه وتحديد المواقع، بجانب تطبيق بطاقة “نسك” الإلكترونية التي سهلت عملية التفويج والدخول والخروج من المشاعر. كما استُخدمت الروبوتات والرد الآلي لتقديم المعلومات الدينية والإرشادية بلغات متعددة.
أما على صعيد النقل، فقد شهدت البنية التحتية طفرة كبرى، إذ نُفّذت أكثر من 19 ألف رحلة طيران دولية وداخلية، وشغلت آلاف الحافلات الحديثة لنقل الحجاج بين الحرم والمشاعر وفق جدول دقيق ومحكوم بأنظمة تتبع ذكية. كما وفرت المملكة بيئة لوجستية متكاملة ساعدت في توزيع ملايين الوجبات والعبوات المبردة من المياه، ووصول الخدمات إلى كل حاج أينما كان.
وامتدت رعاية الدولة لتشمل الجوانب الإنسانية، حيث استضافت الآلاف من الحجاج من ذوي الشهداء والمحتاجين على نفقتها، وخصصت ممرات ومرافق لذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن. لقد تجلت إنسانية المملكة في كل تفصيلة، وفي كل مشهد.
ما تحقق في هذا الحج هو نموذج للتخطيط الدقيق والتنفيذ المتكامل، وتجسيد عملي لرؤية قيادة وضعت خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن في مقدمة أولوياتها. فشكرًا لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ولكل من شارك في هذا الإنجاز الوطني والإنساني الفريد.



تدخل فوري بمستشفى صحة الافتراضية.












” سبل ” تقدم خدمة “حج بلا حقيبة” تسهيلًا لضيوف الرحمن
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.