
في قلب المدن والقرى، وعلى أطراف الأرصفة وفي ظلال الكباري، تتجلى واحدة من أخطر الأزمات الاجتماعية التي تهدد أمن المجتمع واستقراره: ظاهرة التشرد. لم تعد مجرد صور إنسانية مؤلمة، بل تحولت في كثير من الأحيان إلى بؤر للجريمة والانحراف، ما يفرض علينا – دولة ومجتمعًا – وقفة حازمة وحلولاً شاملة تتسق مع رؤية مصر 2030، وتسهم في تحقيق أمن الإنسان والتنمية المستدامة في ظل بناء الجمهورية الجديدة.
دور الأحزاب السياسية.. الجبهة الوطنية نموذجًا
لم تعد الأحزاب السياسية في الجمهورية الجديدة كيانات للنخبة فقط، بل باتت معنية بقضايا المجتمع الجوهرية. وهنا يبرز دور حزب الجبهة الوطنية كنموذج فاعل في التصدي لكل مشكلات المجتمع والعمل على حلها للوقوف بجانب الشعب وفي ظهير سياسي شعبي قوي على الأرض والواقع، ونقترح التصدي لظاهرة التشرد، من خلال:
إطلاق مبادرات ميدانية لرصد الظاهرة في المحافظات.
التعاون مع أجهزة الأمن والمجالس المحلية لتحديد أماكن تركز المشردين والتنسيق مع الجمعيات الأهلية.
اقتراح تعديلات تشريعية لمعالجة الظاهرة جنائيًا واجتماعيًا.
إشراك الشباب في حملات التوعية والتأهيل المجتمعي، واستثمار طاقات الحزب التنظيمية في المحافظات والقرى للوصول إلى الحالات المستهدفة.
الجمهورية الجديدة والتنمية المستدامة
إن تحقيق التنمية المستدامة لا يكون عبر الاقتصاد فقط، بل عبر الإنسان أولاً. فمصر الجديدة التي تبني العاصمة الإدارية وتدشن المتاحف الكبرى، لا تغفل أبدًا عن الفئات المهمشة. والتشرد إذا تُرك بلا علاج، سيصبح خصمًا خفيًا يُعيق مسيرة التنمية، ويهدد استقرار المجتمع.
لذلك، فإن دمج الجهود الأمنية والسياسية والاجتماعية والقانونية هو السبيل الأمثل للتصدي لهذه الظاهرة. وهذا ما تسعى إليه الدولة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، من خلال تعظيم دور الرعاية الاجتماعية، وتطوير البنية التشريعية، وتفعيل مسؤولية الأحزاب والمجتمع.
التشرد… أزمة اجتماعية تنذر بالخطر
ظاهرة التشرد ترتبط ارتباطًا وثيقًا بجملة من الأسباب المتشابكة، أبرزها:
الفقر والتفكك الأسري.
الهروب من المدارس والانقطاع عن التعليم.
الإدمان والتعرض للعنف.
انعدام شبكات الحماية والرعاية الاجتماعية.
ومع تراكم هذه العوامل، يتحول الفرد المتشرد إلى فريسة سهلة للتجنيد الإجرامي، أو يقع هو نفسه في براثن السرقة، والبلطجة، والتسول المنظم، والاتجار في المخدرات، وقد يصبح أداة لتنفيذ جرائم إرهابية.
العلاقة بين التشرد والجريمة
تشير دراسات جنائية واجتماعية إلى أن نسبة كبيرة من مرتكبي الجرائم الصغرى والجرائم العنيفة ينتمون إلى فئة المشردين أو فاقدي المأوى، ما يعكس خللًا مزدوجًا في منظومة الحماية الاجتماعية والعدالة الوقائية. وتكمن الخطورة في أن التشرد لا يُنتج جريمة واحدة فقط، بل يُسهم في خلق بيئة خصبة لكل أشكال الانحراف.
كما أصبح دور القانون الجنائي المصري أكثر فاعلية، حيث أدرجت بعض التشريعات المستحدثة تدابير بديلة للعقوبة مثل الإيداع في مؤسسات العلاج أو التأهيل، لمنع العودة للجريمة وتوفير طريق بديل للمشردين.
الحلول العملية والتدابير المقترحة
لتحقيق المواجهة الحقيقية، يجب تبني حزمة متكاملة من الإجراءات، أهمها:
1. إنشاء قاعدة بيانات وطنية للمشردين وتحديثها بالتعاون بين الأجهزة الأمنية والوزارات المعنية.
2. زيادة عدد دور الرعاية المؤهلة لاستقبال الأطفال والكبار المشردين، وتطوير برامج التأهيل النفسي والاجتماعي.
3. تعديل بعض نصوص قانون العقوبات وقانون الطفل لتجريم التسبب في التشرد والإهمال الأسري.
4. إطلاق مبادرات تشغيل وتدريب مهني للمشردين القادرين على العمل، بالتعاون مع القطاع الخاص.
5. تفعيل الرقابة الشعبية والمجتمعية للحد من استغلال الأطفال في التسول والجرائم.
دور الدولة ووزارة الداخلية في التصدي
أدركت الدولة المصرية، في إطار رؤية مصر 2030، أهمية الربط بين الأمن الاجتماعي والأمن الجنائي. ومن ثمّ، برز دور وزارة الداخلية، من خلال:
إدارة شرطة الرعاية الاجتماعية التي تعمل على ضبط حالات التشرد والتسول.
تعاون قطاع الأمن العام مع دور الرعاية ومؤسسات المجتمع المدني لتوفير المأوى للمشردين.
إطلاق حملات أمنية دورية للقضاء على البؤر الإجرامية المرتبطة بالتشرد.
تشجيع إعادة التأهيل والدمج المجتمعي من خلال التنسيق مع وزارات التضامن والتنمية المحلية والصحة.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.