اقتصادكُتاب

قرار بخفض الفائدة 2.25%: البنك المركزي المصري يفتح أبواب التحفيز بعد خمس سنوات من التشديد

بقلم: هاني خاطر

أحدث الأخبار
مؤشرات الأسواق العالمية

في تحول لافت في مسار السياسة النقدية، أعلن البنك المركزي المصري، مساء الخميس، عن خفض أسعار الفائدة بنسبة 2.25%، وهي الخطوة الأولى في هذا الاتجاه منذ عام 2020. القرار الذي جاء مفاجئًا للبعض، يحمل بين طياته رسائل اقتصادية عميقة تشير إلى بدء مرحلة جديدة من التوازن بين مكافحة التضخم وتحفيز النمو.

خلفيات القرار… متى يبدأ التحول؟

السنوات الخمس الماضية اتسمت بسياسات نقدية مشددة، رفعت خلالها أسعار الفائدة مرات متتالية في محاولة للسيطرة على التضخم والحفاظ على استقرار الجنيه. لكن مع تراجع نسبي لمعدلات التضخم في الشهور الأخيرة، وارتفاع تكلفة التمويل المحلي والدولي، أصبح لزامًا على صانع السياسة أن يمنح الاقتصاد هامشًا من التنفس.

وفي اتصال مع CNN الاقتصادية، صرح الدكتور هاني أبو الفتوح، رئيس مجلس إدارة شركة الراية للاستشارات المالية، بأن هذا الخفض جاء استجابة لانخفاض التضخم من جهة، وتخفيف العبء عن الموازنة العامة من جهة أخرى، حيث “ضغطت أسعار الفائدة المرتفعة لسنوات على تكلفة خدمة الدين، مما تطلب تحركًا مدروسًا عند أول فرصة سانحة”.

من المتأثر؟ المودعون والمقترضون بين شد وجذب

القرار سيؤثر بشكل مباشر على المودعين، حيث ستتراجع العوائد على أدوات الادخار، وهو ما قد يدفع شرائح واسعة من المستثمرين الصغار إلى إعادة النظر في خياراتهم، والبحث عن أدوات ذات عوائد أعلى ولو بمخاطر أكبر، مثل الأسهم أو العقارات.

أما على الجانب الآخر، فسيستفيد المقترضون، خصوصًا في القطاعات الصناعية والخدمية، حيث ستنخفض تكلفة التمويل، ما يفتح المجال أمام توسعات جديدة، وعودة جزئية للزخم الاستثماري الذي تأثر خلال فترة التشديد النقدي.

رسائل إلى السوق والمستثمرين

هذا الخفض الحاد نسبيًا يحمل أكثر من رسالة:

– أولًا، أن البنك المركزي مستعد للتحرك بمرونة إذا توفرت المؤشرات الإيجابية.

– ثانيًا، أن الحكومة تعي أن استمرار ارتفاع تكلفة الدين المحلي لم يعد ممكنًا.

– وثالثًا، أن مرحلة التحفيز الذكي قد بدأت، ولو بشكل حذر.

لكن، وعلى الرغم من أهمية هذه الرسائل، فإن الأسواق لا تزال تترقب الإشارات القادمة من سعر الصرف، والتضخم الفعلي، وتحركات الفيدرالي الأمريكي، لتبني توقعاتها حول اتجاه السياسة النقدية في النصف الثاني من العام.

تحديات قائمة… وآمال مشروعة

يبقى التحدي الأساسي أمام الحكومة والمركزي هو إدارة التوازن الدقيق بين تشجيع النمو، وبين ضمان الاستقرار المالي والنقدي. فخفض الفائدة قد يضغط على أدوات الدين الحكومي، ويحد من جاذبيتها للمستثمرين الأجانب، وهو ما يتطلب إجراءات موازية لتعزيز مناخ الاستثمار وتسهيل حركة رؤوس الأموال.

في الختام… بداية مرنة لكنها محسوبة

لا يمكن اعتبار هذا الخفض مجرد رقم جديد في جداول السياسة النقدية، بل هو **تحوّل في العقلية الاقتصادية** نحو مقاربة أكثر توازنًا بين الانضباط المالي والتحفيز الواعي.

ويبقى الرهان مفتوحًا على قدرة الدولة في استغلال هذا التحول لدفع عجلة الإنتاج، وخلق فرص العمل، وتحقيق الاستقرار المستدام.


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

هانى خاطر

الدكتور هاني خاطر حاصل على درجة الدكتوراه في السياحة والفندقة، بالإضافة إلى بكالوريوس في الصحافة والإعلام. يشغل حالياً منصب رئيس الاتحاد الدولي للصحافة العربية وحقوق الإنسان في كندا، كما يتولى رئاسة تحرير موقع الاتحاد الدولي للصحافة العربية وعدد من المنصات الإعلامية الأخرى. يمتلك الدكتور خاطر خبرة واسعة في مجال الصحافة والإعلام، ويُعرف بكونه صحفياً ومؤلفاً متخصصاً في تغطية قضايا الفساد وحقوق الإنسان والحريات العامة. يركز في أعماله على إبراز القضايا الجوهرية التي تمس العالم العربي، لا سيما تلك المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والحقوق المدنية. طوال مسيرته المهنية، قام بنشر العديد من المقالات التي سلطت الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات التي تطال الحريات العامة في عدد من الدول العربية، فضلاً عن تناوله لقضايا الفساد المستشري. ويتميّز أسلوبه الصحفي بالجرأة والشفافية، ساعياً من خلاله إلى رفع الوعي المجتمعي والمساهمة في إحداث تغيير إيجابي. يؤمن الدكتور هاني خاطر بالدور المحوري للصحافة كأداة فعّالة للتغيير، ويرى فيها وسيلة لتعزيز التفكير النقدي ومواجهة الفساد والظلم والانتهاكات، بهدف بناء مجتمعات أكثر عدلاً وإنصافاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

دعنا نخبر بكل جديد نعــم لا شكراً