
في قلب الصعيد المصري، وتحديدًا من قرية “سلامون” التابعة لمركز طما بمحافظة سوهاج، انطلقت مسيرة رجل جمع بين أصالة الجذور وانفتاح الفكر، بين الكلمة الحرة والعمل الميداني، فسطّر اسمه بحروفٍ من نور في عالم الصحافة والإعلام. إنه الدكتور ناصر عبدالمجيد محمد طه، الشهير بـ”الدكتور ناصر السلاموني”.
نشأته وتعليمه
وُلد في يناير عام 1961 بقرية سلامون، لجدين كانا من رجال التعليم، فجده لوالده ناظر مدرسة سلامون الابتدائية التي كانت في العهد الملكي، وكان حافظًا للقرآن الكريم. وجده لوالدته الشيخ عبد الغني يوسف، ناظر مدرسة سلامون الابتدائية للبنين، وكان خطيبًا لمسجد أولاد خبزة. أما والده فكان معلمًا لمادة الدراسات الاجتماعية، وذو ثقافة واسعة، ومحفظًا للقرآن الكريم، وشاعرًا له إنتاج غزير، طُبع له ديوان “ثرثرة”، ونُشرت أعماله في “العربي”، و”فصول”، و”الأخبار” وغيرها.
نشأ ناصر في هذه البيئة الثقافية، وبيتٍ يعج بالكتب، فنهل من ينابيع الفكر والأدب، وتشبّع بكتابات العقاد، وطه حسين، والمازني، وهيكل، وتوفيق الحكيم. وكانت البيئة القروية آنذاك سمتها الرئيسية التنافس بين أبنائها علميًّا، وكان التفاخر بين القرى في كثرة المتعلمين. هوى الرسم والفنون التشكيلية، وتفوق في مسابقات نادي سلامون الرياضي، واستمر في هوايته حتى الثانوية العامة. وكتب مذكراته منذ المرحلة الإعدادية، وكان يُلخص القصص التي يدرسها، وهو ما صقل موهبته وقاده إلى دار العلوم، ثم كلية الآداب بجامعة أسيوط – فرع سوهاج، وهنا ظهرت موهبته الأدبية في كتابة بعض القصص القصيرة وبعض الأبيات الشعرية.
وبعد التخرج، عمل في مدارس طما بسوهاج، فعمل في مدرسة القرية بالدوير، ثم مدرسة عبد الستار فهمي بمشطا، ثم مدرسة سلامون الإعدادية التي بُنيت مكان مدرسة سلامون الابتدائية القديمة التي كان جده ناظرًا لها. فكان والده مديرًا، وهو مدرسًا، وأخته طالبة في نفس المدرسة. ثم انتقل إلى محافظة الجيزة، فعمل مدرسًا في مدرسة الدقي الإعدادية بنين، ومنها واصل دراسته في جامعة القاهرة – كلية الآداب، قسم اللغة العربية، وتخصص في النحو. وهناك، انضم إلى مشروع “معجم السلطان قابوس للأسماء العربية”، تحت إشراف نخبة من كبار الأساتذة مثل الدكتور محمود فهمي حجازي، ومحمود مكي، وسهير القلماوي، وحسين نصار… فكانت تلك انطلاقته الأكاديمية الحقيقية.
رؤية تتجاوز الحدود
لم يكن الصعيد يومًا عائقًا أمام الطموح، بل منبعًا للعزائم. وهكذا كان السلاموني: رجلٌ آمن بأن الإعلام سلاح لا يقلّ خطرًا عن السيف، وأن الكلمة الحرة تصنع الأمم.
بدأ مشواره برئاسة مجلس إدارة “أوائل الطلبة”، ثم “النجم الوطني”، و”الإبداع وفن الحلي”، حتى تقلّد مناصب دولية مرموقة، منها:
رئيس الاتحاد الدولي للصحافة العربية والذي أصبح علماً بين الكيانات الصحفية والإعلامية على مستوى العالم وأصبح له أكثر من عشرين مقرا على مستوى العالم أبرزها الكويت وكندا وإسبانيا.
مستشار عام الشؤون الدولية لنقابة الصحفيين الكويتية
أمين عام المجلس العربي الأفروآسيوي للتنمية التكنولوجية والزراعية
كما يرأس شركة الاتحاد الدولي للاستثمار والتنمية المستدامة في بريطانيا، ذات الأنشطة المتعددة: التعليم، الطاقة المتجددة، تحلية المياه، والهيدروجين الأخضر، ما يعكس رؤيته المتقدمة لقضايا المستقبل.
رصيد أكاديمي رفيع
لم تأتِ الريادة من فراغ، بل كانت ثمرة جهد وعلم، ومن أبرز مؤهلاته:
دكتوراه في الصحافة والإعلام
زمالة من جامعة كامبريدج البريطانية
دورة إدارة الأزمات من أكاديمية ناصر العسكرية
ماجستير في النحو العربي
كما عمل – كما عرفنا – مدرسًا للغة العربية، فمزج بين جماليات اللغة وأدوات العصر.
إعلامي فوق العادة
السلاموني ليس من أولئك الذين يكتفون بالتنظير، بل من صناع الحضور الحقيقي على الأرض. فقد أسّس وأدار عدة صحف ومجلات، منها:
صحيفة “الحرية مصر”، جريدة “أوائل الطلبة” ، صحيفة “النجم الوطني” ، مجلة “الإبداع وفن الحلي”
أما ظهوره الإعلامي، فامتد إلى منصات تلفزيونية بارزة، من بينها:
قناة النيل للأخبار، قناة اليوم، القناتان الثالثة والخامسة، قناة صوت الشعب، الفضائية المصرية، قناة الحدث، قناة الصحة والجمال… وغيرها.
صوت الوطن في المؤتمرات والمبادرات
نظّم السلاموني مؤتمرات وطنية حملت رسائل وعي وأمل، بالتعاون مع الهيئة العامة للاستعلامات، والمجلس الأعلى للثقافة، وقصور الثقافة، والجامعات المصرية. شارك فيها كبار الشخصيات من وزراء، ونواب، ورجال دين وفكر. من أبرزها:
“مصر تستحق”، و”مصر تنتصر”، و”مصر آمنة”، و”مصر تُعلّم العالم المحبة والتسامح”، و”مصر تنطلق”.
كما أشرف على قوافل تعليمية وطبية طافت قرى القاهرة، والإسكندرية، والمنوفية، والغربية، وسوهاج، وكرّم حفظة القرآن، والأدباء الشباب، مؤكّدًا أن الرسالة الحقيقية تبدأ من الميدان لا من خلف المكاتب.
صوت لا يُشترى
لم يكن السلاموني يومًا إلا نصيرًا للحق، مدافعًا عن قضايا الوطن والأمة، ببيانات إعلامية شجاعة، ومواقف صادقة لا تُشترى، ولا تتلون.
تكريم مستحق
نال العديد من التكريمات من مؤسسات مصرية وعربية، من الجزائر، والمغرب، وليبيا، وفلسطين، ولبنان، وسوريا، والكويت، والسعودية. غير أن أكثر ما يعتز به هو تكريمه من القناة الفضائية المصرية ضمن برنامج “لوحة شرف”، الذي خُصّص له حلقتان كاملتان استعرضتا مسيرته الحافلة.
الدكتور ناصر السلاموني ليس مجرد إعلامي لامع أو إداري ناجح، بل رمز لعصر جديد من الإعلاميين العرب: متمسكون بالهوية، صادقون في رسالتهم، وبنّاؤون لجسور الحوار بين الشعوب.
إنه صوت الصعيد المتحضّر، وعقل الإعلام الناضج، وقلب الأمة النابض.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.