القيم والتربية الأخلاقية للأطفال والتلاميذ هى مجموعة من القيم والخبرات التربوية التي يتعلّمها الطفل داخل الأسرة وخارجها من أجل توجيه سلوكه، ويُعتبر السلوك الأخلاقي الركيزة الأساسيّة التي يُبنى عليها أيّ نشاط إنسانيّ، إذ إنّه أسلوب تعامل يُنظّم الحياة الاجتماعيّة من جميع جوانبها، ويتطوّر السلوك الأخلاقي ويتغيّر كلّما تقدّم الإنسان في العمر، حيث إنّه يستمرّ في التعلُّم طيلة حياته، إذ يُمكن القول أنّ التربية الأخلاقيّة تشتمل على التطوّر العقلي والأخلاقي للشخص، ويكتسب الأطفال الأخلاق من خلال الأمثلة المطروحة لهم ومراقبة ذويهم، فهم يُلاحظون كلّ ما يقوم به الكبار ويقلِّدونه؛ لذلك يجب على الأهل أن يكونوا قدوةً حسنةً لأبنائهم.
كما إن دور المدرسة مكمِّل لدور المسجد ودور الأسرة، وينبغي أن يكون هناك تكامل وتعاون وتنسيق. و إن غرس القيم الأخلاقية في نفوس الطلبة يساعدهم على فهم دورهم في المجتمع ، كما أنه يعزز الشعور بالمسؤولية الاجتماعية، ويشجع الطلبة على المساهمة الإيجابية في مجتمعاتهم.
تُعد المدرسة مؤسسةً اجتماعية متخصصة، وهي تؤدي دورًا لا يمكن إغفالُه في ترسيخ القيم التربوية؛ حيث تستخدم طرقًا مباشرة ومقصودة، وذلك بتناول هذه القيم صراحة في مواد الدراسة وشرحها، مع تأكيد ضرورة التمسك بها، ويمكن استخدامُ القصص ومناقشة ما جاء فيها، وأخذ العبر منها، ومعرفة السلوك الحسن الذي جاء فيها والسلوك السيئ للاستفادة من السلوك الطيب، وتجنُّب السلوك السيئ، كما قد تمارس المدرسة الثواب والعقاب والترغيب والترهيب في تعليمها للقيم، كما تستخدم المدرسة العديد من الأساليب لتثبيت بعض أنواع السلوك المرغوب فيه، مثل إظهار الموافقة وتقديم الجوائز، وقد يحدث العكس فيما يتصل بالسلوك والقيم المرغوبة، ومن الأفضل التبكير في غرس القيم والمُثل والمبادئ في نفوس الأطفال والتلاميذ، وذلك بضرب الأمثال والقدوة العلمية، وبيان ثمرات القيم، وبيان أضرار مخالفتها وإثارة الطاقات الخيِّرة، ولا بد من التعاون بين الأسرة والمدرسة والمسجد في تحصين الطلاب بالقيم الأخلاقية، ولا يمكن إغفال دور المعلم في غرس القيم بين الطلاب لِما له من أثر عظيم يمكِّنه من إحداث تغيير في سلوكياتهم، بالإضافة إلى أن الطلاب يتأثرون بالسمات البارزة والسلوك المتميز للمعلم، ويتعلمون منه القيم والأفكار، فهو مثلهم الأعلى يقلِّدونه ويحتذون به في سلوكه وتصرُّفاته، فمسؤولية القيم الخلقية وغرسها وتنميتها، تقع على عاتق جميع القائمين على شؤون التربية في المدرسة، بل هي مسؤولية المجتمع بمؤسساته المتعددة، ويمكن للمدرسة أن يكون لها دورٌ بارز في مواجهة انحراف بعض الشباب خلال معالجة هذه الانحرافات، من خلال التربية الخلقية لهؤلاء الشباب التي تهدف إلى إصلاح النفس وسلامة تكوينها، وذلك بتعزيز إيمانهم وفَهمهم الصحيح للإسلام، والتحلي بالأخلاق الحميدة، ويجب على المدرسة أن تحثَّ تلاميذها على ضرورة التمسك بالقيم الخلقية عامة، وأن تؤكد ذلك من خلال برامجها المختلفة وأنشطتها المتنوعة، وجميع الخبرات التي تُقدَّم من خلالها، وأن يتضمَّن محتوى بعض المقررات الدراسية أنواع القصص المختلفة، وذلك من خلال سنوات الدراسة في المراحل التعليمية المتعددة .إذًا المدرسة تقوم بترسيخ هذه القيم، ويمكن لها أن تقدم نماذجَ حية للسلوك وعرض الأنماط السلوكية المقبولة والاقتداء بها.
وللمعلم دورٌ كبير؛ حيث يحتل مكان الصدارة بين القوى المؤثرة على الناشئين، فهو نموذج حي مؤثر متحرك بينهم، وهنا تبرز أهمية القدوة في التربية، وللمعلم دور كبير في غرس القيم الخلقية، وليس ذلك من وظيفة مدرس التربية الإسلامية فقط، ولا تدرس إلا في حصته، بل إن تنمية القيم الخلقية وغرسها مسؤولية جميع القائمين على شؤون التربية في المدرسة وخارجها، بل مسؤولية المجتمع كله ومؤسساته المختلفة .
إن غرس مكارم الأخلاق في الطفل؛ كالاحترام، والحب، والعطف، والتسامح، والتواضع. تعزيز شخصيّة الطفل لتكون أكثر مرونةً ومثابرةً، وتعريفه على أخلاقيّات العمل القويمة والانضباط لإعداده لمرحلة النضج. تثقيف الطفل والمحافظة على صحته العقلية والجسدية. تعليم الطفل احترام ثقافته المحليّة والثقافات العالميّة المختلفة.
إن المدرسة بوصفها مؤسسة تربوية منظمة لتحقيق التربية الإسلامية بأُسسها الفكرية والعقدية والتشريعية – تهدف إلى تحقيق عبادة الله وتوحيده والخضوع لأوامره وشريعته، وتنمية كل مواهب النشء وقدراته على الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها؛ أي: صون هذه الفطرة من الزلل والانحراف. ومن خلال التعليم والتعرض لثقافات مختلفة وتعزيز الشعور بالتعاطف، تساعد المدارس الأطفال على تطوير بوصلة أخلاقية قوية واحترام الآخرين وتقدير التنوع الثقافي. كما توفر المدارس فرصًا للأطفال للتعرف على ثقافتهم الخاصة وكذلك ثقافات الآخرين.
بقلم .. أ.د/ كريمة فؤاد الشامى الأستاذ بجامعة المنصورة وأمينة المرأة لحزب حماة الوطن محافظة الجيزة
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.